الفيس بوك ومواقع الدردشة.. وبال على إسرائيل
جنود الجيش الإسرائيلي نشروا صوراً شخصية لهم داخل مواقع ووحدات عسكريةلم تتوقّع إسرائيل أن تكون غرف الدردشة والفيس بوك والتويتر والإيميلات وبالاً عليها، خاصة وأنها خصصت جهة عسكرية لمتابعة تلك الغرف، وتجنيد آخرين للتعاون مع أجهزتها المخابراتية. قبل شهرين نشرت القناة العاشرة الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني أن تل أبيب خصصت جهة عسكرية لمتابعة غرف الدردشة والفيس بوك والتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي يبن الشباب، من أجل تجنيد آخرين للتعاون مع أجهزتها المخابراتية، واستغلال تلك الغرف في معرفة المزيد من المعلومات الاستخباراتية واللوجستية، والتي تتوالى بشكل غير مباشر، وقد بدأ ضباط وجنود ومتطوعون إسرائيليون بالفعل في مراقبة تلك الغرف والتواصل مع الآخرين بشكل عام، وبلغات عدة -طبعاً منها العربية- لكن إسرائيل نفسها لم تتوقّع أبداً أن تكون تلك الغرف وطرق التواصل الاجتماعي وبالاً عليها .
ومثالاً على ذلك فقد ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عدة منذ عامين تقريباً أن جنود الجيش الإسرائيلي نشروا من قبل صوراً شخصية لهم داخل مواقع ووحدات عسكرية على مدوناتهم الشخصية، أحسن "الأعداء" استغلالها -في تلميح مباشر لحركة "حماس" و"حزب الله" اللبناني- وتلقّى هؤلاء الجنود عقوبات مخففة، وها هي مجندة إسرائيلية تنشر صوراً لها على الفيس بوك ومعها معتقلون فلسطينيون مكبلي الأيادي ومعصوبي الأعين، وهي الصور التي تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية والعربية، ونشرتها أيضاً وسائل الإعلام الغربية، بما فيها شبكة الـ"سي. إن. إن" الأمريكية المعروفة بمواقفها المتضامنة مع الجيش الإسرائيلي.
والمثير للدهشة أن المجندة الإسرائيلية -التي تخدم في سلاح المخابرات- "عيدن إفرجيل" لم تخجل من فعلتها، ولم تقدّم اعتذاراً، مبررة ذلك بأن الانتقادات دائماً ما توجَّه إلى إسرائيل، وزادت على ذلك بأن الجيش الإسرائيلي ناكر للجميل، ولم يقدّر لها خدماتها ومخاطرتها بحياتها، وهي الكلمات التي انتشرت على كافة المواقع الإلكترونية الإسرائيلية الصادرة باللغة العبرية، حتى أن الصورة المأخوذة عن الفيس بوك لا تزال تتصدّر الصفحات الرئيسية على تلك المواقع العبرية -حتى كتابة تلك السطور- رغم مرور أكثر من أربعة أيام على نشرها، وهو ما يعني أن ثمة اهتماماً كبيراً في إسرائيل بتلك "الجريمة"؛ على حد وصف صحيفة "معاريف" العبرية. وقد تتابعت ردود الأفعال بعد هذه الحادثة، حيث نشرت منظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية اليسارية صوراً أخرى لجنود إسرائيليين وهم يحتفلون بقتلهم وتعذيبهم لفلسطينيين أيضاً، وكأن الانتصار لن يتأتى إلا بالتصوير بجوار الشهداء والجرحى والمعذبين الفلسطينيين! وهو أمر تعوّدنا على رؤيته منذ عدة سنوات، وزادت وتيرته مع إنشاء مواقع التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة.
ولو تابعنا تداعيات هذا الموقف فسنجد أن صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية نشرت يوم الثلاثاء الموافق السابع عشر من أغسطس، أن المجندة قدّمت الأكل والماء للمعتقلين الفلسطينيين في غزة الذين صورتهم، ولم تقم بتعذيبهم، إلا أنهم قد اعتبروا أنها أخطأت في حق نفسها وحق الجيش الإسرائيلي، وأساءت لصورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي، وبالتالي فإن تلقيها تهديدات بالقتل أمر عادي في ظل تلك الإساءات للجيش الإسرائيلي وإسرائيل بوجه عام، وهو ما قاله أيضاً "رونين دماري" المعلّق العسكري لصحيفة معاريف العبرية الإثنين الماضي الموافق السادس عشر من أغسطس، والذي أضاف أن تلك الصور قد انتشرت على المدونات الشخصية والمواقع العالمية!!
وهكذا فإنه من سخرية القدر أن إسرائيل قد توقّعت أن تستغل مواقع الفيس بوك والتويتر وغيرها من مواقع الدردشة والتواصل الاجتماعي لصالحها، لكن ما حدث هو العكس فقد جاءتها الطعنة من الخلف من بين جنودها أنفسهم، لتسيء لنفسها أمام العالم، بل لتكشف تلك الصور الحقيقة العارية والصحيحة لإسرائيل.