[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
:^^^: :^^^:
ما هو الحياء وما حقيقته؟
الحياء: خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس
المحمودة التي تستلزم الأنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس
وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل.
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء:
( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه )
وقال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو
قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث: { إذا لم تستح فافعل ما شئت }.
وقد قال الشاعر:
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً *** تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا *** حياء لوجهه إلا العناء
قال أبو حاتم: إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه.
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها.
وقد جاء في الصحيحين قول النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان }.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين: { الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر }.
والسر في كون الحياء من الإيمان: لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب
منه صارف عن الشر مُبعد عنه، فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك
المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في
شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة.
وقد قيل: ( الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق ).
فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من
عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير، كما في
الصحيحين عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { الحياء لا يأتي إلا بخير } وفي رواية مسلم: { الحياء خير كله }.
وفي الصحيحين أن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مر على رجل يعظ أخاه في الحياء: أي يعاتبه فيه لأنه اضر به، فقال له الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { دعه فإن الحياء من الإيمان }
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين:
1 ) حياء فطري غريزي.
2 ) حياء مكتسب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والحياء أنواع
1) الحياء من الله.
2 ) الحياء من الملائكة.
3 ) الحياء من الناس.
4 ) الحياء من النفس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 1 ) الحياء من الله:
قال الله تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] وقال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
فتجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته لربه.
فالحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي. قال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: [b]{ استحيوا من الله حق الحياء } قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال: {
ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ
البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن
فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء }.
معنى الحديث: { استحيوا من الله حق الحياء }
أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع
أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
( قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم
يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أن ليس المقصود هذا العموم لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون:
(1) { أن يحفظ الرأس وما وعى } أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان. قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
(2) { وليحفظ البطن وما حوى }
أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله
طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل لا
يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب
لا يقبل إلا طيباً.
(3) { وليذكر الموت والبلى } أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { أكثروا من ذكر هادم اللذات }.
(4) { ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا } قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا
فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [القصص:83].
فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن. قال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك }
[صحيح الجامع]. وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى
مراتب الدين وهي مرتبة الأحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه
وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات. وهذا الحياء يجعله
دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى
وأجل. قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك
إلى ربك ) وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل
وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
ومن هذا الحياء أيضاً:
حياء الجناية والذنب: ومثال ذلك ما ذكره ابن القيم في كتابه مدارج
السالكين. عندما فر آدم هارباً في الجنة فقال الله تعالى له: ( أفراراً
مني يا آدم؟ فقال: لا بل حياء منك ).
ومن أنواع الحياء من الله:
الحياء من نظر الله إليه في حالة لا تليق:
كالتعري كما في حديث بهز بن حكيم عندما سأل رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فقال: ( عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ ) فقال: { احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك }. قال: ( يا نبي الله إذا كان أحدنا خالياً؟ ) قال: { فالله أحق أن يستحي منه الناس }.
وجاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: أنا رجل عاصي
ولا أصبر عن المعصية فعظني. فقال الحسين: ( افعل خمسة وافعل ما شئت ). قال
الرجل: هات. قال الحسين: ( لا تأكل من رزق الله وأذنب ما شئت ). قال
الرجل: كيف ومن أين آكل وكل ما في الكون من رزقه. قال الحسين: ( اخرج من أرض الله وأذنب ما شئت ).
قال الرجل: كيف ولا تخفى على الله خافية. قال
الحسين: ( اطلب موضعاً لا يراك الله فيه وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذه
أعظم من تلك، فأين أسكن. قال الحسين: ( إذا جائك ملك الموت فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذا مُحال. قال الحسين: ( إذا دخلت النار فلا تدخل فيها وأذني ما شئت ). فقال الرجل: حسبك، لن يراني الله بعد اليوم في معصية أبداً.
لقد بلغ الإيمان بالصحابة رضي الله عنهم أنهم أصبحوا يستحيون من
الله في التقصير في النوافل وكأنهم قد ضيعوا الفرائض. قال الفضيل بن عياض:
( أدركت أقواماً يستحيون من الله سواد الليل من طول الهجيعة ).
قال يحيي بن معاذ: ( من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو
مذنب ). أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فهو دائماً
يحس بالخجل من الله في تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال يشينه
عنده.
ثم قال يحيي بن معاذ: ( سبحان من يذنب عبده ويستحي هو ). وفي
الأثر: ( من استحيا الله منه ) ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة من
صفاته الثابتة بالكتاب والسنة وهي كسائر صفاته عز وجل لا تدركها الأفهام
ولا تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه ولا تكييف. وحياء الله عز وجل
صفة كمال تدل على الكرم والفضل والجود والجلال.
ففي الحديث: { أن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً } وأيضاً: { إن الله يستحي أن يعذب شيبة شاب في الإسلام }.
عجيب شأن هذا العبد المسكين لا يستحي من ربه وهو ينعم عليه آناء
الليل وأطراف النهار مع فقره الشديد... والرب العظيم يستحي من عبده مع
غناه عنه وعدم حاجته إليه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 2 ) الحياء من الملائكة:
من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل
والنهار.. وهناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم
والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.
وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ [الإنفطار:11،10] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:8].
إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح
وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم }.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 3 ) الحياء من الناس:
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه
يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة... والحياء من الناس قسمين:
1 ـ هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه يستحي من الناس
جازم بأنه لا يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى
أولاً ثم اتقاء ملامة الناس وذمهم ثانياً فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه
استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.
2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس
لا يتحرج من فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة ربه وجلاله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 4 ) الحياء من النفس:
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد
المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا
أكمل ما يكون من الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.
يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر ).
والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح. قال تعالى على لسان امرأة العزيز: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ [يوسف:53].. والنفس الثانية هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.
قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي [الفجر:27-30].
إذاً فعلينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله
حتى تكون من النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض..
يقول تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ [العنكبوت:69].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
:^^^: :^^^:
اذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستحي فاصنع ما تشاءفلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا اذا ذهب الحياءيعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء |
الحياء: خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس
المحمودة التي تستلزم الأنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس
وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل.
ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء:
( من كساه الحياء ثوبه لم يرى الناس عيبه )
وقال الشاعر:
ورب قبيحة ما حال بيني *** وبين ركوبها إلا الحياء
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو
قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث: { إذا لم تستح فافعل ما شئت }.
وقد قال الشاعر:
إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً *** تقلب في الأمور كما يشاء
فمالك في معاتبة الذي لا *** حياء لوجهه إلا العناء
قال أبو حاتم: إن المرء إذا إشتد حياؤه صان ودفن مساوئه ونشر محاسنه.
والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها.
وقد جاء في الصحيحين قول النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان }.
وفي الحديث الذي رواه الحاكم وصححه على شرط الشيخين: { الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر }.
والسر في كون الحياء من الإيمان: لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب
منه صارف عن الشر مُبعد عنه، فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك
المعاصي والمنكرات. والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الرب والتقصير في
شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة.
وقد قيل: ( الحياء نظام الإيمان فإذا انحل نظام الشيء تبدد ما فيه وتفرق ).
فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه وكحرارة بدنه لأنه جزء من
عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير، كما في
الصحيحين عن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { الحياء لا يأتي إلا بخير } وفي رواية مسلم: { الحياء خير كله }.
وفي الصحيحين أن النبي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مر على رجل يعظ أخاه في الحياء: أي يعاتبه فيه لأنه اضر به، فقال له الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { دعه فإن الحياء من الإيمان }
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين:
1 ) حياء فطري غريزي.
2 ) حياء مكتسب.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والحياء أنواع
1) الحياء من الله.
2 ) الحياء من الملائكة.
3 ) الحياء من الناس.
4 ) الحياء من النفس.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 1 ) الحياء من الله:
قال الله تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى [العلق:14] وقال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الأنعام:91] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].
فتجرؤ العبد على المعاصي واستخفافه بالأوامر والنواهي الشرعية يدل على عدم إجلاله لربه وعدم مراقبته لربه.
فالحياء من الله يكون باتباع الأوامر واجتناب النواهي. قال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: [b]{ استحيوا من الله حق الحياء } قال: قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال: {
ليس ذلك ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى وليحفظ
البطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن
فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء }.
معنى الحديث: { استحيوا من الله حق الحياء }
أي استحيوا من الله قدر استطاعتكم لأنه من المعلوم أن الإنسان لا يستطيع
أن يقوم بكل ما عليه تاماً كاملاً ولكن كل على حسب طاقته ووسعه قال تعالى:
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
( قال قلنا: إنا نستحي والحمد لله ). أجابوا بذلك لأنهم قصدوا أنهم
يفعلون كل مليح ويتركون كل قبيح على حسب استطاعتهم فرد عليهم رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أن ليس المقصود هذا العموم لأن هناك شروطاً للحياء حق الحياء فليس كما يظنون:
(1) { أن يحفظ الرأس وما وعى } أي ما جمع من الأعضاء: العقل والبصر والسمع واللسان. قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
(2) { وليحفظ البطن وما حوى }
أي يحفظ بطنه وما في ذلك من حفظ الفرج عن الحرام فيحفظ بطنه من أن يدخله
طعام حرام أو من مال حرام فالبدن نبت ويقوي من الطعام. والرب عز وجل لا
يقبل من عبده أن يتقوى على طاعته بمطعم حرام ولا مشرب حرام لأن الله طيب
لا يقبل إلا طيباً.
(3) { وليذكر الموت والبلى } أن يذكر الموت دائماً لأننا في هذه الدنيا لسنا مخلدين وإنما سنموت وسنرجع وسنقف بين يدي الله تبارك وتعالى. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { أكثروا من ذكر هادم اللذات }.
(4) { ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا } قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا
فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] [القصص:83].
فالمقصود أن الحياء من الله يكون باتباع أوامر الله واجتناب نواهيه ومراقبة الله في السر والعلن. قال رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { استحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك }
[صحيح الجامع]. وهذا الحياء يسمى حياء العبودية الذي يصل بصاحبه إلى أعلى
مراتب الدين وهي مرتبة الأحسان الذي يحس فيها العبد دائماً بنظر الله إليه
وأنه يراه في كل حركاته وسكناته فيتزين لربه بالطاعات. وهذا الحياء يجعله
دائماً يشعر بأن عبوديته قاصرة حقيرة أمام ربه لأنه يعلم أن قدر ربه أعلى
وأجل. قال ذو النون: ( الحياء وجود الهيبة في القلب مع وحشة مما سبق منك
إلى ربك ) وهذا يسمى أيضاً حياء الإجلال الذي متبعه معرفة الرب عز وجل
وإدراك عظم حقه ومشاهدة مننه وآلائه. وهذه هي حقيقة نصب الرسول [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وإجهاد نفسه في عبادة ربه.
ومن هذا الحياء أيضاً:
حياء الجناية والذنب: ومثال ذلك ما ذكره ابن القيم في كتابه مدارج
السالكين. عندما فر آدم هارباً في الجنة فقال الله تعالى له: ( أفراراً
مني يا آدم؟ فقال: لا بل حياء منك ).
ومن أنواع الحياء من الله:
الحياء من نظر الله إليه في حالة لا تليق:
كالتعري كما في حديث بهز بن حكيم عندما سأل رسول الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] فقال: ( عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ ) فقال: { احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك }. قال: ( يا نبي الله إذا كان أحدنا خالياً؟ ) قال: { فالله أحق أن يستحي منه الناس }.
وجاء رجل إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما فقال له: أنا رجل عاصي
ولا أصبر عن المعصية فعظني. فقال الحسين: ( افعل خمسة وافعل ما شئت ). قال
الرجل: هات. قال الحسين: ( لا تأكل من رزق الله وأذنب ما شئت ). قال
الرجل: كيف ومن أين آكل وكل ما في الكون من رزقه. قال الحسين: ( اخرج من أرض الله وأذنب ما شئت ).
قال الرجل: كيف ولا تخفى على الله خافية. قال
الحسين: ( اطلب موضعاً لا يراك الله فيه وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذه
أعظم من تلك، فأين أسكن. قال الحسين: ( إذا جائك ملك الموت فادفعه عن نفسك وأذنب ما شئت ). قال الرجل: هذا مُحال. قال الحسين: ( إذا دخلت النار فلا تدخل فيها وأذني ما شئت ). فقال الرجل: حسبك، لن يراني الله بعد اليوم في معصية أبداً.
لقد بلغ الإيمان بالصحابة رضي الله عنهم أنهم أصبحوا يستحيون من
الله في التقصير في النوافل وكأنهم قد ضيعوا الفرائض. قال الفضيل بن عياض:
( أدركت أقواماً يستحيون من الله سواد الليل من طول الهجيعة ).
قال يحيي بن معاذ: ( من استحى من الله مطيعاً استحى الله منه وهو
مذنب ). أي من غلب عليه خلق الحياء من الله حتى في حال طاعته فهو دائماً
يحس بالخجل من الله في تقصيره فيستحي أن يرى من يكرم عليه في حال يشينه
عنده.
ثم قال يحيي بن معاذ: ( سبحان من يذنب عبده ويستحي هو ). وفي
الأثر: ( من استحيا الله منه ) ويجدر هنا أن ننبه إلى أن حياء الرب صفة من
صفاته الثابتة بالكتاب والسنة وهي كسائر صفاته عز وجل لا تدركها الأفهام
ولا تكيفها العقول بل نؤمن بها من غير تشبيه ولا تكييف. وحياء الله عز وجل
صفة كمال تدل على الكرم والفضل والجود والجلال.
ففي الحديث: { أن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفراً } وأيضاً: { إن الله يستحي أن يعذب شيبة شاب في الإسلام }.
عجيب شأن هذا العبد المسكين لا يستحي من ربه وهو ينعم عليه آناء
الليل وأطراف النهار مع فقره الشديد... والرب العظيم يستحي من عبده مع
غناه عنه وعدم حاجته إليه.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 2 ) الحياء من الملائكة:
من المعلوم أن الله قد جعل فينا ملائكة يتعاقبون علينا بالليل
والنهار.. وهناك ملائكة يصاحبون أهل الطاعات مثل الخارج في طلب العلم
والمجتمعين على مجالس الذكر والزائر للمريض وغير ذلك.
وأيضاً هناك ملائكة لا يفارقوننا وهم الحفظة والكتبة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ [الإنفطار:11،10] [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:8].
إذاً فعلينا أن نستحي من الملائكة وذلك بالبعد عن المعاصي والقبائح
وإكرامهم عن مجالس الخنا وأقوال السوء والأفعال المذمومة المستقبحة. قال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]: { إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوا منهم وأكرموهم }.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 3 ) الحياء من الناس:
وهذا النوع من الحياء هو أساس مكارم الأخلاق ومنبع كل فضيلة لأنه
يترتب عليه القول الطيب والفعل الحسن والعفة والنزاهة... والحياء من الناس قسمين:
1 ـ هذا قسم أحسن الحياء وأكملة وأتمه. فإن صاحبه يستحي من الناس
جازم بأنه لا يأتي هذا المنكر والفعل القبيح إلا خوفاً من الله تعالى
أولاً ثم اتقاء ملامة الناس وذمهم ثانياً فهذا يأخذ أجر حيائه كاملاً لأنه
استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكف عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.
2 ـ قسم يترك القبائح والرذائل حياء من الناس وإذا خلا من الناس
لا يتحرج من فعلها وهذا النوع من الناس عنده حياء ولكن حياء ناقص ضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة ربه وجلاله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
( 4 ) الحياء من النفس:
وهو حياء النفوس العزيزة من أن ترضى لنفسها بالنقص أو تقنع بالدون.
ويكون هذا الحياء بالعفة وصيانة الخلوات وحسن السريرة. فيجد العبد
المؤمن نفسه تستحي من نفسه حتى كأن له نفسين تستحي إحداهما من الأخرى وهذا
أكمل ما يكون من الحياء. فإن العبد إذا استحى من نفسه فهو بأن يستحي من غيره أجدر.
يقول أحد العلماء: ( من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده قدر ).
والحقيقة أن هناك نفساً أمارة بالسوء تأمر صاحبها بالقبائح. قال تعالى على لسان امرأة العزيز: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَمَا أبَرِّىءُ نَفسِي إنَّ النّفسَ لأَمّارَةٌ بِالسُوءِ إلاَ مَارَحِمَ رَبِيِ إنّ رَبِي غَفُورٌ رّحِيمٌ [يوسف:53].. والنفس الثانية هي النفس الأمارة بالخير الناهية عن القبائح وهي النفس المطمئنة.
قال تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] يَا أيّتُهَا النّفسُ المُطمَئِنَةُ ارجِعِى إلى رَبِكِ رَاضِيَةً مَرضِيَةً فَأدخُلي في عِبادِي وَادخُلي جَنَتي [الفجر:27-30].
إذاً فعلينا أن نجاهد أنفسنا فلا نجعلها تفكر في الحرام ولا تعمله
حتى تكون من النفوس المطمئنة التي تبشر بجنة عرضها السموات والأرض..
يقول تعالى: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنّهُمَ سُبُلُنَا وَإنّ اللّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ [العنكبوت:69].
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
عدل سابقا من قبل حلاق الحارة في يونيو 9th 2008, 11:17 am عدل 1 مرات